تتشابه الحكايات وتتعدد الروايات لكن تبقى حروف الحكاية واحدة الحرب والتدمير والتجريف والتخريب، إن الألم الذي تسبب به العدوان على غزة عام 2014 إستهدف بشكل مباشر كل آمال الفلسطينيين وأحلامهم وذكرياتهم التي نسجتها سنين عمرهم الماضية بين جنبات بيوتهم ومنازلهم التي عاشوا فيها سنين طفولتهم وشبابهم، لكنها لم تفلح في إستهداف إرادتهم على العودة من جديد، فهم ينسجون الأمل من حروف الألم ليبدؤا من جديد رحلتهم ويواصلوا حياتهم على ذات الأرض وفي نفس المكان الذي إحتوى قبل شهور حطام بيوتهم وأشلاء أحلامهم.
سيف الدين الفيومي مواطن فلسطيني كان قبل عدوان عام 2014 يعيش في قرية وادي غزة حيث بنى بيته وسط أرض زراعية، لا تكاد تبعد سوى عشرات الأمتار عن الشريط الحدودي المحاذي للقرية من الجهة الشرقية. يعمل سيف في مجال الزراعة ويربي عدداً من رؤوس الأغنام ليعيل أسرته المكونة من ستة أفراد، هم أمه وزوجته و4 أولاد. يقول سيف: "قبل الاجتياح البري هربت وجميع افراد اسرتي من منزلنا، وتركت المنزل والأرض وكل ما أملك واستمرت الحرب 51 يوماً، بعدها عدنا ولكن لم نجد شيئاً، سوى الدمار."
ويتابع سيف الدين "أتى التجريف على كل شيء لم نتمكن من تمييز أماكن بيوتنا!"، ويواصل القول "بعد ما تركنا مراكز الإيواء حصلنا على منح لتغطية بدل إيجار مسكن ولكن بسبب وضعي المادي الصعب وفقدان ما أملك حاولت استغلال مبلغ الإيجار في تغطية احتياجاتي اليومية ولم استأجر مسكنا وعدت إلى مكان بيتي وبنيت بيتاً من الصفيح بشكل مؤقت ريثما أتمكن من إعادة بناء منزلي من جديد.
ضمن البرنامج المتكامل لتطوير وادي غزة وتدخلاته العديدة التي تنفذها "التعاون"، للمساعدة في تخفيف معاناة آلاف الأسر الفلسطينية التي تضررت بسبب العدوان، حصل سيف الدين على منحة لإعادة بناء منزله المدمر إستفاد منها 70 آخرون من سكان قرية وادي غزة.
يقول سيف الدين بعد عودته وأسرته لمنزله، "بناء المنزل الجديد لأسرتي هو بداية جديدة لحياتنا وبقائنا على هذه الأرض. فرق كبير الآن بين الحياة في بيت من الصفيح وحياة بمنزل يحمينا بكرامة. أحمد الله على وجود أناس يفكرون بنا وبمعاناتنا وأتمنى منهم مزيد من العطاء لمساعدة أهل قرية وادي غزة وكافة الفلسطينيين المتضررين."
تقوم "التعاون" بتنفيذه البرنامج المتكامل لتطوير قرية وادي غزة بتمويل من الصندوق الكويتي للتنمية العربية الاقتصادية وبإدارة البنك الإسلامي للتنمية، حيث يهدف هذا البرنامج النوعي إلى تحسين الحياة اليومية للمواطن الفلسطيني القاطن في القرية، وخاصة بما يتعلق بحقوقه في الحصول على التعليم والصحة والطاقة والبنية التحتية.