Skip to main content

قصص من الميدان

عسل إكليل الجبل.. مشروع مقدسي أزهر وسط الأشواك

مثلما قال ابراهيم الفقي أنه عندما توجد الإرادة تتوفر الوسيلة، اتخذت نواهي أبو عيد من ظروفها الصعبة وسيلة لتحقيق أحلامها

حصلت نواهي أبو عيد من قرية بدو شمال غرب القدس عام 2005 على درجة البكالوريوس في اللغة العربية، وكانت تتمنى في تلك الفترة كغيرها من الفتيات الحصول على وظيفة لتطأ أولى الخطوات في المستقبل الذي رسمته في مخيلتها.

ولأنها من مدينة يشن فيها المحتل حملة شرسة على سكانها بهدف تهويد معالمها وتهجير أهلها وعزلهم عن باقي الفلسطينيين من خلال جدار الفصل العنصري وفرض قيود على حرية الحركة والعمل والتعليم، اصطدمت أحلام نواهي بمرارة هذا الواقع وبدأت فكرة أنها ستصبح ضمن قوافل العاطلين عن العمل تتسلل إلى أفكارها.

ووفق آخر الإحصائيات الرسمية، فإن حوالي 65% من العائلات المقدسية تعيش تحت خط الفقر، وهذه النسبة مرشحة للزيادة في ظل الأوضاع الراهنة وزيادة التحديات التي تحيط بالمقدسيين وخاصة الشباب منهم. كما أن معدلات البطالة في أوساط المقدسيين ارتفعت لتصل إلى حوالي 85% بين النساء، و40% بين الرجال، وذلك لعدم توفر أماكن عمل ولا تصاريح لإقامة مراكز أعمال جديدة، لاستيعاب المزيد من الطاقات البشرية.

تقول نواهي "سمعت عن برنامج دعم صمود الشباب الخريجين العاطلين عن العمل في مدينة القدس الذي تشرف عليه "التعاون" بدعم من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، فتقدمت له من خلال المؤسسة المنفذة للمشروع (الاغاثة الزراعية) بمشروع تربية النحل (منحلة)، وذلك لأنني كنت أملك مساحة فارغة من الأرض المقام عليها منزلي بالإضافة لامتلاكي الخبرة في هذا المجال".

ذهبت نواهي للمقابلات الخاصة باختيار المشاريع وتم إلحاقها ببرنامج تدريب لدورة إدارة مشاريع، وقدمت دراسة جدوى وخطة عمل متكاملة لمشروعها، وقبل أن تحصل على الموافقة النهائية لدعم وتنفيذ المشروع زار عدد من المسؤولين مكان المشروع وتأكدوا أن كافة الشروط مستوفاة.

أطلق مشروع نواهي في نيسان 2017، وخلال عامين حقق نجاحاً كبيراً. تقول "أطلقت على منتجاتي اسم (عسل إكليل الجبل)، ومنذ ذلك الحين وأنا أبذل جهوداً مضاعفة لإنجاح المشروع، وها أنا ذا أقص عليكم قصة نجاحي".

وأضافت نواهي، "المشروع ساهم في تغيير الكثير من الأمور في حياتي بصورة إيجابية، فبخلاف الدخل المالي الشهري لمنزلي؛ أشعر حالياً بأن أفراد أسرتي جميعاً قريبون من بعضهم البعض أكثر من السابق، كلنا نعمل في (المنحلة) وهدفنا واحد وهو نجاح المشروع. أما على الصعيد الشخصي فأشعر بأني أصبحت أكثر جرأة واقتربت أكثر من النحل. كما أنني أستمتع بمراقبة دورة حياة النحل والتعرف على تفاصيل جديدة لم أكن أعرفها سابقاً".

بعد عامين ارتفع سقف طموح نواهي، فهي الآن تعمل للوصول إلى مرحلة يكون فيها الدخل المالي الذي يوفره مشروع "المنحلة" ثابتاً لأسرتها، بالإضافة إلى تطوير منتجات العسل وانتاج الشمع ومواد العناية بالبشرة. كما تطمح لأن تصل منتجاتها إلى كافة المحافظات الفلسطينية ومنها إلى العالم. وتؤكد نواهي أنه "من الصعب أن ينجح أي شخص في مشروعه دون أن يحصل على الدعم من محيطه، وهذا ما وفره لي زوجي وأبنائي. المرأة قادرة على تحقيق ذاتها والنجاح إذا أرادت ذلك وثابرت لأجله".

وفي ختام حديثها قالت "أنا أشجع "التعاون" والصندوق العربي للعمل على دعم مشاريع المقدسيين الصغيرة والناشئة التي تساهم وبشكل كبير جداً في تعزيز صمودهم في أرضهم في وجه محاولات الاقتلاع الإسرائيلية".

يهدف برنامج دعم صمود الشباب الخريجين العاطلين عن العمل في مدينة القدس إلى المساهمة في دعم صمود الشباب المقدسيين القاطنين في محافظة القدس عن طريق تطوير سبل العيش المستدام لهذه الفئة المهمشة، وتحقيق التمكين الاقتصادي لهم من خلال بناء قدرات 150 شابً/ة في مجال إنشاء وإدارة المشاريع الصغيرة في قطاع الزراعة، ومن ثم توزيع منح ل 42 شاب/ة والاستثمار في تطوير 30 مشروعا صغيرا ريادياً زراعياً من خلال مسرعة الأعمال الزراعية التي أسستها الإغاثة الزراعية بالشراكة مع التعاون، وذلك بتوفير التدريبات والمعلومات والاستشارات والمواكبة والتشبيك مع القطاع الخاص ومؤسسات الإقراض والتسويق.

 

شارك معنا الآن.

اينما كنت.

بأي طريقة تناسبك.