بعد عام من التجريب والمحاولة، نجح الشاب محمد أبو مطر، 29 عامًا، من مشروع مبادرون 3 في إنتاج أول طابعة ثلاثية الأبعاد في قطاع غزة.
لم تكن فكرة إنتاج طابعة وليدة الصدفة، بل خطرت ببال محمد مراتٍ عدة، فيما يمارس عمله المعتاد في تصميم اللوحات الالكترونية لزبائنه.
ويقول أبو مطر الحاصل شهادة دبلوم في مجال الاتصالات والإلكترونيات :"أتاح لي عملي في تصميم اللوحات الالكترونية الاطلاع على تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، غالباً ما احتاج لقطع غير متوفرة في السوق المحلي بغزة، أو يصعب صناعتها بالطرق التقليدية، فكنت أفكر لو لكان لدي طابعة ثلاثية الأبعاد."
فكر محمد باستيراد الطابعة من خارج القطاع لكن الحصول عليها ليس بالأمر الهين، فقرر صناعة طابعته الخاصة مستعينًا بنماذج مفتوحة المصدر، وخبرته المتراكمة من تصميم اللوحات الإلكترونية.
بعد محاولات كثيرة، استطاع بناء النموذج الأول للطابعة لكنه نموذج قديم مقارنة بما هو معمول به حول العالم. إلى أن التقى أبو مطر بأحد خبراء الطباعة ثلاثية الأبعاد، والذي كان في زيارة للقطاع، ووعده بالعمل على توفير القطع الإلكترونية المطلوبة لنموذج أحدث.
استخدامات الطابعة
غزت تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد مجالات عديدة من بينها: التقنية في المجوهرات، الأحذية، العمارة، الهندسة، والانشاءات، السيارات، الطائرات، الصناعات الطبية وصولًا إلى تكنولوجيا الفضاء.
ويشير أبو مطر أن سعر الطابعة المتوقع سيكون في متناول الأفراد ويقدر بـ 1200 دولار، وحجمها متوسط بحيث يمكن للجميع اقتنائها.
ويقول: "هناك عدة مجالات بغزة تحتاج للطابعة وتتجاوز إنتاج قطع البلاستيك والمجسمات، ومن الممكن تسخيرها في المجال التعليمي والطبي"، موضحًا :" في غزة هناك حالات كثيرة لبتر الأطراف والإعاقة بسبب الحروب، و يمكن الاستعانة بالطابعة لإنتاج بعض الأجزاء التي تساعد فنيّ صناعة الأطراف الصناعية لإتمام عملهم بأفضل طريقة ممكنة."
ويتوقع أن الطابعة ثلاثية الأبعاد ستسهم في التخفيف من وطأة الحصار على القطاع الاقتصادي، والذي تسبب في غياب بعض المواد الخام التي تحتاجها المؤسسات الصناعية المختلفة.
مبادرون 3
على رغم من النجاح الذي حققه الشاب أبو مطر في إدخال تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد للقطاع المحاصر، لا زالت تواجه مشروعه عقبات أبرزها مشكلة منع سلطات الاحتلال المادة الخام "الخيط" المستخدم في الطابعة لإنتاج المجسمات، من دخول القطاع، إضافة إلى غياب الخبرات لديه في التسويق والتعامل مع الزبائن.
لتجاوز هاتين العقبتين شارك محمد مع زميل أخر له في مشروع مبادرون لدعم الشباب الريادي، مستفيداً من المنحة المقدمة له من مبادرون، سيعمد إلى صناعة الماكنة التي تصنع المادة الخام، والتي بدورها تقوم بتحويل البلاستيك العادي إلى الشكل الذي يصلح للطابعة ثلاثية الأبعاد.
يذكر أن مشروع مبادرون3 الممول من البنك الإسلامي للتنمية وصندوق النقد العربي وإشراف مؤسسة التعاون، تنفذه عمادة خدمة المجتمع والتعليم المستمر بالجامعة الإسلامية بالشراكة مع النقابة الفلسطينية لتكنولوجيا المعلومات- بيكتا.
من جانبه أشاد باسل قنديل، رئيس قسم المشاريع والتدريب، بمشروع أبو مطر"3D Printing Art" ، قائلًا: "في قطاع غزة لم يسبق أي شخص الشاب محمد أبو مطر إلى إنتاج هذه الطابعة على الرغم من أنها معروفة عالمياً، وإنتاجها في غزة يعتبر إنجاز كبير."
وأشار إلى قائمة المنع الإسرائيلية التي تتضمن الطابعة ثلاثية الأبعاد إضافة لعدم سماح الاحتلال بإدخال طابعات بأحجام كبيرة.
وحول سبب اختيار مشروع أبو مطر ضن المشاريع ال 22 المحتضنة في مبادرون يوضح بالقول: "اختيار أي مشروع يعتمد على بعدين: أولًا أن يقدم فكرة ريادية، ثانيًّا أن يكون للمنتج جدوى اقتصادية بحيث يكفل فرصة عمل لصاحب المشروع وآخرين إضافة إلى توفير منتجات بديلة للمستوردة."
ودعا في ختام حديثه الشباب لاستثمار قدراتهم والبحث عن الأفكار الابداعية والتطوير في مجال تخصصاتهم.